نظر احد الشباب الي صديقه و هم يتناولون الافطار في المطعم المجاور لمنزل احدهما قائلا
انظر ذاك الرجل هناك انا اراه كل يوم يجلس هنا في ذات المكان في نفس الوقت كل يوم يتناول الافطار ثم يغادر و لا يتكلم مع احد و لا اري له اي اصدقاء او عائلة او زوجة" "الا بنتا في الخامسة عشرة من عمرها تاتي لاصطحابه كل يوم و هو لا يريد ان يغادر المكان كان روحه ملتصقة به
فالتفت صديقه ليري كيف يبدو هذا الرجل فوجده رجلا في منتصف الثلاثينيات من عمره و يبدو عليه الضعف و الحزن الشديدين فهذا واضح من ملامح وجهه اللتي ظل هذا الشاب يحدق فيها كثيرا الا ان قاطعه صديقه قائلا
هيه انت الي اين سرح فكرك ؟!!"
فنظر الي صديقه قائلا
"لا .. لا شئ لكن عجيب امر هذا الرجل "
ثم رحلا الصديقان و كان الرجل لا يزال في مكانه لا يعلم احد ما يدور بخاطره
في اليوم التالي
حضر هذا الصديق لانتظار صديقه في المطعم اسفل منزله
فلاحظ ايضا وجود هذا الرجل في نفس المكان ينظر من النافذه و تبدو عليه الحزن و الكابة الشديدين
فدفعه فضوله الي التعرف علي شخصية هذا الرجل و ماذا يخبئ في مكنونات صدره
فسال النادلة(الجرسونه )يعني
" من هذا الرجل و لماذا هو كل يوم هنا؟"
فردت عليه و كانها معتاده علي هذا السؤال
"لا اعلم فانا بدات العمل هنا منذ فترة و جيزة و لكني الاحظ شيئا غريبا "
عندما اقدم له الافطار يمسك يدي و ينظر الي وجههي ثم يشعر بالحزن و ينظر للنافذه مره اخري
و لكن اجابة النادلة لم تكن كافية بالنسبة له فدفعه فضوله الي القيام من مقعده و التحرك ناحية هذا الرجل ولكنه فوجئ بيد تمسك يده من الخلف
و يسمع صوت مالوف
"!!!لقد جت هيا لنذهب"
فالتفت الي صاحب الصوت فوجده صاحبه الذي يسكن بجانب المطعم قد جاء و مستعدا للمغادرة
فرد عليه قائلا
"حسنا لنذهب"
ثم دفع ثمن الوجبة و ذهبا الاثنان معا
في اليوم التالي تجد هذا الشاب المهتم لامر هذا الرجل قد جاء في الصباح و كانما جاء خصيصا ليتحدث الي هذا الرجل الذي ينظر الي النافذة دائما و يعرف ما هي قصته
فجلس في المقعد المقابل له علي المنضده و قال له
" ...مرحبا يوم جميل مشرق اليس كذلك"
فلم يلتفت له الرجل و ظل ينظر ناحية النافذة كعادته و قال بحزن
"هو يوم كباقي الايام الثقيلة التي لم اعد اشعر بها فهي تمر كالسنين .. "
فرد عليه قائلا
" لم كل هذا الحزن فانت تبدو انك مازلت شابا و لكني اري في عينيك حزنا كبيرا كمن عنده من العمر الثمانين عاما "
فلم يعقب الرجل علي كلامه وظل ينظر ناحية النافذة
فاستطرد الشاب قائلا
"من فضلك احكي لي ما حصل لك فانا مهتم جدا لامرك"
فاحس الرجل من نبره كلامه فعلا انه مهتم به و يريد ان يعرف ما حدث له
فبدأ من تلقاء نفسه في الحديث و قال
كنت شابا في مثل سنك كنت منطلقا كنت احب الحياة لا اعرف اليأس ابدا
كنت اعمل في الصحيفة التي تقع في الشارع المجاور لهذا المطعم
ثم استطرد قائلا
في اول يوم عمل لي في الصحيفة جئت اتناول الافطار هنا في المطعم
و عندما جاء الطعام و نظرت الي من تقدم الطعام
كانت اجمل فتاه رايتها في حياتي و هي تبتسم و هي تقدم لي الطعام
فكانت ابتسامتها لا تفارق شفتاها كانت رقيقة جدا احببت التعرف عليها ففتحت معها احدي المواضيع العامة و يبدوا انها اعجبت بطريقتي في الكلام و طلبت منها رقم هاتفها و اصبحت اصطحبها للخروج ليلا بعض الاوقات و اصبحنا اصدقاء كثيرا
و في يوم من الايام حضر زبون للمطعم كالعاده و طلب وجبة سريعه و اعددتها له علي الفور و اعطته الوجبة بابتسامه فاعجب هذا الزبون بابتسامتها و اراد التعرف عليها ايضا و لكنه كان جذابا جدا ووسيما و كان يمتلك شركة في وسط المدينه
فطلب منها رقم الهاتف فاعطته هو ايضا رقم هاتفها و كان ياتي لاصطحابها هو ايضا ليلا بسيارته الفارهه و كان يرتدي دائما ملابس انيقة تجذب الانتباه
و كان الشاب الاول الذي تعرفت عليه كان بسيطا ليس عنده سيارة فارهه او يخرج معها في اماكن راقية و لكنه كان يمتلك قلبا محبا طيبا
فاصبحت الفتاه تخرج مع الاثنان كل واحد منهم ليلة
كانت تخرج مع الصحفي في اماكن عادية ليست بمميزة و لكنهما كانا يقضيان وقتا رائعا دائما
و في اليلة التاليه تخرج مع الشاب الوسيم رجل الاعمال الناجح في ارقي الاماكن و كانا ايضا يقضيان وقتا رائعا معا
و كانت تعود في كل مرة سعيده بوقتها الذي تقضيه مع كلاهما و كان اخوها الاصغر سنا الذي يعيش في المنزل معها يحذرها مما تفعل فهي تتلاعب بمشاعر شخصان يحباها بصدق
فترد عليه بانها فعلا لا تعرف من تختار فهي تحبهما الاثنين بنفس القدر
فكان هذا يحضر لها هدايا بسيطة لكنه كانت تعجبها و تحبها
و كان هذا يرضيها بهدايا قيمة جدا تغريها و كانت تحبها و تعجب بها ايضا
و ظلت علي هذا الحال كل ليلة مع احدهما و كان كل منهما يبذل اقصي جهده لكي يرضيها فكانا الاثنان يحباها بصدق لكنها مازالت في حيرة من امرها ايهما تختار
و في احدي جولاتها مع الاول قرر ان يدعوها لقضاء يوم مع اخته في بيتها فهي عندها من الاطفال ثلاث فكانوا يحبونه جدا و يلعبون معه و يقفزون من حوله و قد رات السعاده في عينيه بالاطفال و كم هو مغرم بهم و يحبهم وفي طريق عودتمها بعد ان قضيا يوم طويل و ممتع عند اخته قرر ان يعرض عليها الزواج و انه يريد ان ينجب منها اطفال مثل هؤلاء الاطفال لكي يملؤا حياتهما بالحركة و السعاده
فحزنت كثيرا لطلبه هذا في قرارة نفسها و لكنها مثلت عليه السعاده و طلبت منه ان يعطيها وقت للتفكير فهذه مسالة جاده و احتاج مزيدا من الوقت للتفكير بها
و تشاء الاقدار انه في اليوم التالي ان يعرض عليها ايضا الشاب الاخر الزواج و لكن بطريقته الخاصة فقد دعاها الي شركته ثم طلب منها ان تغمض عيناها ثم سار بها الي النافذة التي تطل علي الميدان الرئيسي فتفتح عيانها لتجد اكبر لوحة اعلانيه في الميدان مكتوب عليها
"هل تتزوجينني؟"
ربما تكون هذه اللحظة هي لحظة من اسعد لحظات اي فتاه لكن هنا كان علي النقيض تماما فقد انتفض قلبها و شعرت بالحزن الشديد و انها قد تلاعبت بقلبان قد احباها بصدق و الان عليها ان تقرر
من منهم يستحق ان يكون زوجها و تقضي معه باقي العمر
من هو الاكثر اخلاصا في حبه لها
فقد سالت الاخر ايضا عن مهلة للتفكير مثلما فعلت مع الاول
و لكنه قال لها انها يجب ان تفكر بسرعه فهو يريد ان ينقل راس امواله الي مدينه اخري و انهما سيسافران الي هناك علي متن طائرة خاصة صغيرة استاجرها ليسافرا بها بعد اسبوع من مطار المدينه الي المدينه الاخري التي نقل اليها كل اعماله و سيتزوجان هناك ليحيا باقي حياتهما معا
فالان هي في دوامة التفكير لا تعرف من تختار منهما
فكل منهما حقق لها ما تتمناه و يبذل اقصي جهد لكي يسعدها و يجعلها تحبه و ترضي به
و كل منهما يحبها بصدق و يتمني دائما ان تكون هي زوجته التي يعيش معها
بعد فترة يكون حبيبها الاول الصحفي يقرا بعد الكتب فيجد جرس الباب يرن فيفتح الباب فلا يجد احدا ثم ينظر ليري من رن جرس الباب فلا يجد احدا
ثم يهم بالدخول فيجد نفسه يمشي علي ظرف ملقي علي الارض مكتوب عليه اسمه
فيفتح الظرف ليجد فيه المفاجأة
اتسعت حدقتا عيناه و هو يقرا الرسالة الموجهة اليه من حبيبته اللي طالما حلم ان يتزوجها
رسالة تخبره فيها بالحقيقة و تقول له انها فضلت ان تتزوج الثري الذي يحبها فهو يحقق لها كل احلامها
و هنا كانت صدمة كبيرة له فاخذ يبكي من الالم الذي احس به بداخله ثم حاول الاتصال بها و لكن هاتفها كان مغلق
فلم يحاول ان يذهب لمنزلها لان كبريائه قد منعه فكيف تفضل عليه شخصا اخر
و بعد حوالي الساعه جرس الهاتف يرن فيرد علي الهاتف و هو حزين فيسمع صوت اخو الفتاه
و هو يتكلم بصوت عالي في الهاتف و يقول له ماذا تفعل هنا حب حياتك يضيع منك تحرك
فرد عليه بحزن وماذا عساني ان افعل فلقد فضلت الاخر علي
فرد اخوها بسرعه وقال هل هذا ما تعتقد هل تعتقد انها فضلته عليك لا بالعكس انها اختارتك انت و اختارت سعادتك انت
فهي عندها مرض يجعلها لاتنجب و عندما علمت انك تحب الاطفال ضحت بنفسها و ظهرت امامك بمظهر الفتاه المستغله التي فضلت الثري عليك حتي لا تجعلك تشعر بالندم عندها تتزوجها و يزول حبك لها مع الايام و تضطر ان تتركها لتتزوج من تنجب لك الاطفال
و هنا انتفض من مكانه و قال له هل انت متاكد مما تقول
فرد عليه مسرعا بالطبع فقد كانت تحبك انت و كانت تبكي ليلا و نهارا لانها لن تستطيع ان تنجب لك الاطفال و لن تكون الزوجة التي تتمناها و الان يجب عليك اللحاق بها قبل ان تطير ,انها الان في المطار و ستطير معه في طائرة خاصة الي مدينه اخري حيث سيتزوجان هناك , هيا الحق بها هيا هيا
....
و في الحال اغلق الثاني الهاتف و استقل اول سيارة متوجهة الي المطار ثن راها تركب الطائرة الصغيرة و بدات محركات الطائرة في التحرك و بدات في السير علي الممر
فقام بالقفز من علي الحواجز و ركب احدي عربات الصيانه في المطار و انطلق بها الي الممر في وسط زهول العاملين بالمطار و اعترض طريق الطائرة التي بها حبيبته
فاضطر الطيار الي ضغط المكابح و وقوف الطائرة حتي لا يصطدم به لانه لم يكن قد ارتفع عن الارض بعد
و في هذه اللحظة نظرت حبيبته من نافذة الطائرة لتري من المتسبب في وقوف الطائرة فذهلت لتري انه قد فعل هذا
فعندما راها قال لها
انا فقط احبك و ستكونين انتي كل شئ لي في حياتي
ففي هذه اللحظة جعلت الطيار يفتح لها باب الطائرة ثم جرت ناحيته و قالت له احبك من كل قلبي انت حياتي و كل ما تمناه
ثم تبادلا القبل وسط تصفيق حاد من العاملين بالمطار الذين تجمعوا ليروا ماذا يحدث
و بعدها بفترة وجيزة كان حفل زواجهما في حشد من العائلة و الاصحاب و الاقارب
ثم قضيا حوالي شهرين معا قبل ان يتبنيا طفلة تبلغ من العمر خمسة اعوام بعد ان توفا والداها في حادث اليم
وبعدها قضيا معا وقتا سعيدا من اسعد الاوقات قضيا حوالي خمسه سنوات
و في عيد زواجهما الخامس قرر ان يتقابلا في المطعم التي كانت تعمل به
و هنا بدات دموع الرجل في النزول و قال كان ينتظرها في نفس هذا المكان ناظرا اليها من النافذه و يبتسم و هي تعبر الطريق و اذا بسيارة مسرعه تقطع الطريق الاخر و تصطدم بها عن قصد فتموت في الحال ثم تستطدم السيارة باحد الابنية و تنفجر و نكتشف لاحقا ان من صدمها هو الرجل الثري الذي كان يحبها و الذي ساءت حالته المعنوية هو ايضا و خسر كل ما يملك بسبب سوء حالته لانه كان ايضا يحبها جدا و احس انها تلاعبت به
ثم التفت الي الشاب الجالس امامه في المقهي و قال له هل تعلم ماذا قالت في اخر كلماتها
قالت
"علي احد ما ان يدفع الثمن و انا سعيده اني دفعته و ليس انت "
فتاثر الشاب كثيرا و نزلت دموعه هو الاخر
فالتفت اليه الرجل ثانية و قال له هل تعلم ماهو تاريخ اليوم
انه تاريخ مرور خمس سنوات اخري علي وفاتها و عشر سنوات علي زواجنا ثم اخذ في البكاء و هو مازال ينظر الي النافذه
وفجاة اتسعت عيناه و قام بالجري مسرعا و هو يقول هاهي قادمة
و هو يشير الي فتاه شابه و هي تعبر الطريق و تسير ناحية المطعم
ثم يجري بسرعه ناحيتها و هو يقول
لا لن ادعكي تتركيني مرة اخره
ثم يدفها بعيدا عن سيارة قادمة من الاتجاه الاخر فتصطدم به السيارة ثم يجري الشاب ناحيته لكي ينقذه و هو غارق في دمه
و لكنه يجده في حالة الاحتضار و هو يقول
" انا اراها الان ها هي تشير لي الحق بها انا ... انا ات يا حبيبتي ان ات اليك "
تمت بحمد الله
**** محمد مختار ****