بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،
وبعد :
إخوتنا الأحبة أخواتنا الكريمات الفاضلات من يتابعون معنا هذه الرموز الأساسية لمعرفة تأويل المنامات بارككم الله تعالى ،
حديثنا اليوم لن يطول ولكنه سيتناول بشكل وافٍ كامل بإذن الله تعالى معاني رموز النجاسة التي قد يراها أحدنا أو بعضنا في منامه ،
ومن المؤكد أن الخطأ يقع لدى الكثيرين عند رؤيتهم لمثلها وربما أفاق بعضهم متقززاً يستعيذ بالله تعالى مما رآه دون أن يدرك فعلاً ما في رؤيتها من البشارة له بإذن الله تعالى ،
وتلك النجاسات ذات المعاني الرائعة هي ما يخرجه جسم الإنسان من الفضلات كالبول والغائط والقاذورات كالمخاط أيضاً فكلها بمعاني عامة تشير إلى تفريج الهموم والغموم لمن يراها تخرج منه ،
ولكن هناك تفاصيل تحليلية للحالات المختلفة لدى رؤيتها بالطبع وسنعرضها هنا عليكم عبر نماذج من الأمثلة لنتوقف عند كل مثل منها على حدة تأويلاً وتحليلاً ،
مع التطرق طبعاً لمسائل المني والتراب والغبار فهل هي من النجاسات أو من القذارات كما يتداعى إلى أذهان الكثيرين منا ؟؟
نتوقف أولاً بكم مع الأمثلة التحليلية ثم لنا العودة التفصيلية بعد قراءتها :
* المشهد الأول
_ أما شفت منام يا أخي !!
_ كان المني بينزل بقوة وكأنه شلال ، و...
فيقاطعه الأخ في (خبث) : اسكت اسكت ، واضحة ، ما بدها أينشتاين ليفسرها ،
الظاهر أنك (عشقان) يا ضرسان !!
* المشهد الثاني
_ شو قصتك اليوم !!
يسأل ذلك الشاب أخاه المستيقظ من نومه وهو يتصبب عرقاً من الرعب ،
وينظر له الأخير لحظات ثم يقول له : كوابيس الله يستر !!
فيقول الأول بفضول : احكي لي شو شفت بمنامك !!
يتردد الثاني لحظات ثم يحسم أمره ويتهيأ للكلام إلا أنه يتذكر أمراً هاماً ،
فيهتف بشقيقه : آآآه ، معليش ، طول بالك شوية ، لازم أروح أستحم عشان ألحق أصلي ، وبعدها بحكي لك !
فيقول الأول بثقة وحزم : وأنا بانتظارك ، استحم وصل وتعال احكي لي لأفسر لك شو شفت .. أنا كتير شاطر بالتفسير !!
* المشهد الثالث
_ بابا .. بابا ..
_ خير ؟
_ شفت جارنا بالمنام وكان التراب بيغطي جسمه و ...
تتدخل الأم لتهتف :
_ يخرب بيته شو بخيل هالرجل دا !! التراب دليل البخل !!
* المشهد الرابع
_ بابا ، شفت رفيقي اليوم بمنامي ، كان كله غبار و ...
_ يا سلام ! الظاهر رفيقك ما بيهتم بالنظافة بالمرة ، والله خلاك تشوف أنه وسخ بالواقع !!
_ بس يا بابا كان بينفض نفسه من الغبار !
_ وهو دا اللغز العويص يعني !! ما كان يهتم بنظافته وصار بيهتم بعدين !!
* المشهد الخامس
_ ماما .. ماما .. أنا مش موافقة على الشاب دا
_ ليش يا ماما ؟؟ نحن عرفنا خيره من شره بعد ؟؟
_ ما في داعي يا ماما ، ربنا وراني في المنام الحقيقة كلها !
_ أي حقيقة ؟؟
_ شفته كان يبول في ملابسه !!
_ يع !! ربنا يخرب بيته !! هو أكيد عامل شي مش منيح ، خلاص رح أتصل هلأ وأبلغ أهله مش يتعذبوا يجوا لنا ، ما في نصيب ،
يبول في ملابسه ؟؟ ربنا يخرب بيتك !! وجاية تأخذ بنتنا كمان !!
6_ المشهد قبل الأخير
_ يخرب بيت هالحظ هادا !!
_ خير يا بنتي !!
_ هو كل ما يجي واحد يتقدم لي ، بيطلع من بتوع النجاسات !!!
وتسألها الأم بدهشة بالغة :
_ كيف يا بنتي !!
ترد البنت حانقة :
_ شفته بمنامي وكان الغائط بينزل منه وبيلوث جسمه .. حتى رقبته ذات نفسها تلوثت بالغائط ، و ...
تقاطعها الأم بحركة اشمئزاز عنيفة وهي تشير لها بالسكوت ، وشعور بالغثيان والقيء يملأ كيانها ، مع هذا المنام الرهيب الذي تحكيه ابنتها ، و ...
ولنترك الأم وابنتها لننتقل إلى :
_ المشهد الأخير
_ ماما ماما .. أنا كتير قلقانة يا ماما ..
_ قلقانة ؟ خير يا بنتي شو صار احكي لي !!
تنوح البنت قائلة :
_ زوجي يا ماما .. شفته بمنامي بيتمخط عليي أنا !!
تحضنها أمها وتمسح رأسها قائلة في أسى :
_ العمى بقلبو إن شاء الله ! الظاهر زوجك دا (زبلك) بالمرة !!!
إخوتنا الأحبة وأخواتنا الكريمات ،
مرة أخرى نرجع إلى نقطة أهمية معرفة الرموز التأويلية والأخذ بالعلم بمدى التناقض الرهيب ما بين معاني الأمور كما نراها في الواقع من جهة ثم كما تعرض لنا في منامنا من جهة أخرى ،
وسنقف وإياكم للتحليل الآن لهذه النماذج من البداية :
المشهد الأول :
فعلاً المنام لا يحتاج (أينشتاين) للتفسير ، فالمني في المنام هو مال يأتي لصاحبه .. رزق طيب يأتي ويزول سريعاً (كما المني في الواقع يجف سريعاً) ،
وكلما كان نزول المني في المنام أكثر كلما كان المال الذي سيحصله صاحبه أكثر بإذن الله تعالى ،
ويجدر بنا هنا أن نقدم الإجابة على السؤال المطروح أعلاه لنقول إن المني ليس بقذارة ولا هو من النجاسات بأي حال من الأحوال كما يظن البعض ،
لا في المنام ولا حتى في الواقع والأحكام الشرعية أيضاً .
المشهد الثاني :
الأول ليس بشاطر في التفسير لا كثيراً ولا قليلاً ، بل إن ما رآه الخائف في منامه لا يضره فيما لو رآه حتى لو كان يندرج تحت قائمة الكوابيس فعلياً ،
ذلك أن استيقاظ الذكر من نومه على جنابة يفسد ويبطل تأويل أي حلم مرعب أو أي منام جيد إبطالاً تاماً ،
ولا معنى بعدها لا لرواية المنام ولا لتأويله على الإطلاق .
إذاً نلاحظ الفارق بين المني .. رؤية أنه قد نزل في المنام ، ونزوله فعلاً للنائم ،
في الحالة الأولى هو المال الذي يأتي ويزول سريعاً .. وفي الحالة الثانية يذهب بالمنام إلى خانة الأرشيف لو صح التعبير ،
ليضعه بلا فائدة ولا ضرر من أي نوع كان ،
والله تعالى أعلم .
المشهد الثالث
وأيضاً التراب ليس نجاسة وليس من القاذورات قط ،ولا يدل على البخل بأي حال من أحوال رؤياه ،
فمن غطاه التراب افتقر كون التراب هو مرد الإنسان الأخير حيث لا مال يأخذ معه ولا متاع .. ولكنه لا يدل على الموت إلا في حال كان الإنسان مريضاً أو لديه أحد في عائلته مريض ثم رأى نفسه يحفر في تراب الأرض فهذا دليل الموت لا سمح الله إذ الحفر هنا يدل على قبر المريض ،
فماذا يكون الأمر إن لم يكن من يحفر التراب مريضاً أو لديه مريض في العائلة ؟؟
هنا ينبغي أيضاً التوقف عند تفصيل الحالة .. فإن كان على سفر فإن الحفر هو السفر والتراب هو المال والمكسب ،
وما لم يكن كذلك فهو إما إنسان لديه مكر وحيل في طلبه للرزق والمال .. وإما أن لديه أسراراً ما يخفيها عن الجميع ،
ومن كان عليه التراب ونفضه عنه فإنه نقص في ماله أيضاً _ كذلك الغبار كما سيأتي _ فإن أكل من التراب فإنه مال يأتيه بقدر ما أكل ،
فإن كان متزوجاً ورأى نفسه يكنس البيت ليجمع التراب فهو يحتال على زوجته حتى يأخذ منها المال ،
فإن رأى السماء تمطر تراباً فلئن كان قليلاً فهو مال ورزق .. وإن كان كثيراً فهو دليل على العذاب ،
وهكذا تختلف حالات تأويل رؤية التراب حسب حالات صاحبها ما بين مقيم ومسافر ومريض وصحيح وحالات الرؤية نفسها .
المشهد الرابع
وأما الغبار أيضاً فليس ينجس الإنسان وليس يقذره ، بل لو صلى إنسان وثيابه يلوثها الغبار فصلاته صحيحة تماماً ،
وذلك الذي ينفض الغبار عن نفسه فإنما هو يفتقر بعد غنى ويزول ماله (ولا علاقة له قط بالنظافة من عدمها) فإن رأى أنه يركب حصاناً ويسير به بقوة في الأرض مثيراً من خلفه الغبار ،
فإنما هو يمشي في الباطل وإذكاء الفتن بين الناس بينما لو رأى الغبار مرتفعاً ما بين السماء والأرض .. فإنه في أمر محير ومشكلة لا يدري مخرجاً لها قط ،
وهنا الغبار كالتراب يستلزم معرفة حالات صاحبه المختلفة وحالات الرؤية ذات نفسها .
إخوتنا الأحبة وأخواتنا الكريمات الفاضلات ،
ها قد توقفنا بكم عبر حالات المني والتراب والغبار لنبين أنها ليست من النجاسات بأي حال ومعانيها المختلفة ،
وقبل الخوض في تفاصيل مشاهد (البول _ الغائط_ المخاط) فإننا نقول إنها كلها تلتقي وتتفق معاً في أنها تدل على تفريج الهم والكرب عن صاحبها بالشكل العام المطلق ،
فمن كان مهموماً ثم رأى نفسه في نومه يبول أو يتغوط أو يتمخط فبإذن الله تعالى همه إلى الزوال ،
ولكن في بعض الأحيان تخرج بمعناها من خانة تفريج الهموم إلى خانات أخرى كما سنلاحظ في المشاهد التالية :
المشهد الخامس :
أما من بال في ملابسه ، فإن الله تعالى يبشره بولد يأتيه من صلبه بإذنه تعالى ، وبالتالي تخوف البنت وأمها ليس له أدنى أساس من الصحة بأي حال كان .
المشهد السادس :
التغوط هنا دليل تفريج الهم أيضاً ، ثم إنه قد أصاب جسم الإنسان ، فهو دليل على رزق من المال يأتيه بإذن الله تعالى ،
وهنا قد وصل الغائط إلى رقبته أيضاً فإن هذا يعني أن الرزق من المال ستكون كبيرة فعلاً بقدر ما تلوث به من الغائط ، بل إن الرزق سوف (يعمه من رأسه لرجليه كما يقال في العامية كناية عن الرزق الوفير) .
المشهد السابع :
هذه البنت ربنا يرسل إليها ببشارة رائعة تحلم بها كل أنثى وهي الأمومة ،
وتمخط الرجل عليها يدل بإذن الله تعالى أنها حبلى بأنثى (في الغالب) ... ولا مجال لخوفها لا هي ولا أمها بأي وجه ،
ودعونا نختم هنا بالسؤال :
_ ترى ماذا لو كانت هي من امتخطت على زوجها ، هل سيعني هذا أنه سوف يحمل مثلاً !!!
الإجابة هي نعم !!
ولكن ليس بهذا المعنى بالضبط ... امتخاطه عليها دليل حبلها بالبنت .. وامتخاطها عليه دليل حبل خاطىء .. وليس المقصود بالخاطىء المعصية والعياذ بالله ،
بل المقصود أنه سوف يكون حبلاً ضعيفاً لا يثبت ولا يدوم .. وإن دام فلتسأل الله تعالى الستر والسلامة من طفل مشوه يأتيها ،
طبعاً الدروس التأويلية ليست فقط لعرض الدروس ،
وإنما لمن لديه أي استفسار لأي حالة لم تتضح جيداً أو رأى هناك حالات أخرى متعلقة برموز الدرس لم نتطرق إليها ،
وكذلك لمن أراد عرض أي حالات من نماذج قد رآها أو سمع بها ويبغي تأويلها أو رأى تحقق ما ذكرناه من تأويلها ،
فالمجال مفتوح للجميع لمن أحب ورغب وأراد ،
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك